أرسل الله -سبحانه وتعالى- أنبياءه؛ لهداية الناس إلى عبادته عز وجل، وإقامة شرعه الذي ارتضاه للناس، وحثهم على ما فيه الخير والسداد لهم في الدارين الدنيا والآخرة، وآتيًا بيانٌ لتسلسل الأنبياء عليهم السلام.


سلالة الأنبياء.

جاء القرآن الكريم على ذكر خمسةٍ وعشرين نبيًّا ورسولًا، حيث ورد في سورة الأنعام ذكر ثمانية عشر منهم في قوله تعالى: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ* وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ*وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ)،[١] وكان بدء النبوّة بنزول آدم؛ فهو -عليه السلام- الأول في سلالة الأنبياء، وذكر أهل العلم أنّ من جاء بعده هو ابنه شيث، ثمّ تسلسل من بعده الكثير من الأنبياء على مَرِ العصور، لِتُختَتم الرسالة والنبوة بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وآتيًا بيان ترتيب سلالة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:[٢]

  • آدم عليه السلام: جاء في رواية أبي أمامةَ الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "كان آدَمُ نبيًّا مُكَلَّمًا، كان بينَهُ وبين نُوحٍ عشرَةُ قُرُونٍ".[٣]
  • شيث ابن آدم عليهما السلام: ذكر أهل العلم أنّ شيثًا جاء بعد أبيه آدم-عليه السلام- وكان نبيّاً، قال ابن كثير رحمه الله: "فلمّا مات آدم -عليه السلام- قام بأعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام".
  • إدريس عليه السلام: وقد اختلف العلماء في بعثته؛ فمنهم من قال إنّه جاء بعد شيث عليه السلام، ومنهم من قال أنّ نوحًا -عليه السلام- جاء قبله.
  • نوح عليه السلام: ورد ذكره -عليه السلام- في مواطن متفرّقة من كتاب الله، ومكث في دعوة قومه طويلًا، كما في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ).[٤]
  • هود عليه السلام: كانت بعثته -عليه السلام- بعد نوحٍ، فقد نصَّ القرآنُ الكريم على ما يدلّل أنّ قوم عادٍ عاشوا في الفترة الزمنية التي تلت قوم نوحٍ عليه السلام، قال تعالى: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ).[٥]
  • صالح عليه السلام: ذكر الله -عزّ وجلّ- في كتابه العزيز ما يدلّ على أنَّ قومَ صالح -عليه السلام- وهم قوم ثمود، كانوا خَلفًا لقوم هود عليه السلام، ومصداق ذلك قوله تعالى عنهم: (وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذونَ مِن سُهولِها قُصورًا وَتَنحِتونَ الجِبالَ بُيوتًا فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ).[٦]
  • إبراهيم عليه السلام: بعثه الله -سبحانه وتعالى- بعد صالح -عليه السلام- كما جاء في قوله تعالى: (أَلَم يَأتِهِم نَبَأُ الَّذينَ مِن قَبلِهِم قَومِ نوحٍ وَعادٍ وَثَمودَ وَقَومِ إِبراهيمَ وَأَصحابِ مَديَنَ وَالمُؤتَفِكاتِ أَتَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّـهُ لِيَظلِمَهُم وَلـكِن كانوا أَنفُسَهُم يَظلِمونَ).[٧]
  • لوط عليه السلام: وقد بعثه الله تعالى في زمن إبراهيم -عليه السلام- وكان معاصرًا له.
  • شُعيب عليه السلام: وكانت بعثته بعد قوم لوطٍ بفترةٍ وجيزةٍ كما يشير أهل العلم.
  • إسماعيل وإسحاق ابنا إبراهيم عليهم السلام: وقد كانت بعثتهم بعد أبيهما إبراهيم عليه السلام، ثُمّ بعدها تعاقب باقي الأنبياء -عليهم السلام- من يعقوب ثُمّ يوسف وبعده أيوب، ثُمّ ذو الكفل وبعده يونس، وأتى من بعده موسى وأخوه هارون عليهما السلام، فالخضر -عليه السلام- على قول من ذهب من العلماء إلى أنّ الخضر نبيٌّ، ثُمّ يوشع بن نون، فإلياس، فاليسع، ثُمّ النبي الذي بُعث لبني إسرائيل، وقال لهم إنّ الله قد بعث إليهم طالوت ملكًا، ولم يُذكر اسم هذا النبي في القرآن ولا في السنة، ومن بعدهم داود، فابنه سليمان عليهما السلام، فزكريا، ثُمّ يحيى، فعيسى بن مريم -عليهم الصلاة والسلام- أجمعين، ثُمّ خُتمت الرسالة والنبوّة ببعثة النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام.


صفات الأنبياء

إنّ مقام النبوة مقامٌ عظيمٌ؛ لما فيه من الحِمل الشاق في سبيل تبليغ دعوة الله، وقد اصطفى الله أنبياءه من خيرة خلقه وميّزهم -عليهم السلام- بصفاتٍ تجعل منهم أسوةً حسنةً في الصدق واستحالة الكذب والأخلاق الطيبة الحميدة، ويجوزُ في حق الأنبياء ما يجوز في حقّ البشر دون أن يُنقص ذلك من قدرهم ومرتبتهم التي ارتضاها الله لهم ودون أن يؤثّر ذلك في تبليغهم لدعوة الله؛ فيجوز في حقهم الأكل والشرب والنكاح، ولهم الفرح والحزنُ والخوف والمرض، وأما النسيان أو السهو الذي من الشيطان فمستحيلٌ عليهم؛ لأنّ الشيطان ليس له عليهم سلطان، وأمّا النسيان فيما يتعلق بأمرٍ تشريعيٍّ غرضه تعليم الأمّة فممكنٌ، كسهو النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة؛ ليعلّمَ الأمة الأحكام المتعلّقة بالسهو في الصلاة.[٨][٩]


المراجع

  1. سورة سورة الأنعام، آية:83-86
  2. "التسلسل الزمني لبعثة الأنبياء والرسل عليهم السلام"، الإسلام سؤال وجواب، 28/9/2017، اطّلع عليه بتاريخ 9/9/2021. بتصرّف.
  3. رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن أبي أمامة الباهلي ، الصفحة أو الرقم:2668، إسناده صحيح.
  4. سورة العنكبوت، آية:14
  5. سورة سورة الأعراف، آية:69
  6. سورة سورة الأعراف، آية:74
  7. سورة سورة التوبة، آية:70
  8. حسن أيوب، كتاب تبسيط العقائد الإسلامية، صفحة 142-143. بتصرّف.
  9. "صفات الرسل والأنبياء الجائزة والواجبة والمستحيلة"، إسلام ويب، 07/07/2003، اطّلع عليه بتاريخ 26/09/2021.