وفاة النبيّ محمد

بعد عودة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من حجّة الوداع ألمّ به مرض الموت، واستأذن زوجاته أن يمكث فترة مرضه في بيت عائشة -رضي الله عنها-، وحين اشتدّ عليه المرض لم يستطع الخروج للصلاة بالناس، فأمر أبا بكرٍ بذلك، وحين حضره الموت -عليه الصّلاة والسّلام- كان مستنداً إلى صدر عائشة، وقُربه إناء ماءٍ يُدخل يده فيه ويمسح وجهه، وسمعته عائشة -رضي الله عنها- يقول: (مع الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عليهم مِنَ النبيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)،[١] وكان من آخر ما ختم به من كلامٍ -عليه الصّلاة والسّلام-: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ)،[٢] وقد وافت المنيّة النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في ضحى يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل في السنة الحادية عشر للهجرة، وكان عمره حينها ثلاثة وستّين عاما وأربعة أيّامٍ، وحزن الصحابة -رضي الله عنهم- حزناً شديداً حين ذاع خبر وفاته -عليه الصّلاة والسّلام- حتّى وصفه أنس بن مالك -رضي الله عنه- يوم وفاة النبيّ بأنّه أقبح وأظلم يومٍ.[٣][٤]


أين ذهب ماء غسل النبي؟

لم تصح روايةٌ أو يثبت أثرٌ حول ماء تغسيل النبيّ -عليه السّلام- بعد وفاته أو ماذا فُعل به، ولو كان الصّحابة -رضي الله عنهم- فعلوا شيئاً مخصوصاً بفضل غُسله -عليه الصّلاة والسّلام- لوردت رواياتٌ في ذلك ونُقلت،[٥] حيث لم يرد إلّا أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بعد التحاقه بالرفيق الأعلى غسّله عددٌ من الصحابة، هم: العبّاس وابناه الفضل وقثم، وعلي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وأوس بن خولي، وشقران مولى النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، حيث كان العبّاس وابناه يقلّبان النبيّ، وأسامة وشقران يصبّان عليه الماء، وأسنده أوس إلى صدره، وكفّنوه بعد الانتهاء من غسله بثلاثة أثوابٍ بيضٍ ليس فيها عمامة ولا قميص.[٤]


الصّلاة على النبي ودفنه

بعد أن فرغ الصحابة -رضي الله عنهم- من تغسيل النبيّ وتكفينه، وضعوه على فراشه، واختلفوا أين دفنوه؛ فمنهم من قال: يُدفن مع أصحابه -رضي الله عنهم-، ومنهم من قال: يُدفن في مسجده، حتّى قال أبو بكر -رضي الله عنه-: (إنّ الأنبياء يُدفنون في المكان الذي قُبضت أرواحهم فيه)، فرفع فراش النبيّ الذي تُوفّي عليه وحُفر تحته، ودُفن في ذلك الموضع؛ أي في حجرة عائشة -رضي الله عنها- التي تقع في الجزء الشرقيّ من المسجد النبويّ، وفي ذات الموضع دُفن صاحباه أبو بكرٍ وعمر -رضي الله عنهما- بعده، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- قد دخلوا على النبيّ بعد غسله وتكفينه يصلّون عليه مجموعةً تلو مجموعةٍ، ولا يؤمهم أحد، وصلّى عليه أهل بيته وعشيرته، ثمّ المهاجرون، ثمّ الأنصار، وصلّت النساء عليه بعد الرجال، ثمّ الصبيان.[٦][٤]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2444، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:6510، صحيح.
  3. مجموعة من المؤلفين، التعريف بالإسلام، صفحة 272. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 404-406. بتصرّف.
  5. "مآل مَاءُ غُسْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد وفاته"، إسلام ويب، 03/11/2008، اطّلع عليه بتاريخ 23/08/2021. بتصرّف.
  6. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 248-249. بتصرّف.