اسم قرية قوم لوط

يذكر بعض المفسرين والمؤرخين أنّ قوم لوط -عليه السلام- كانوا يسكنون عدداً من القرى؛ فلم تكن قرية واحدة على حدّ تعبيرهم؛ واسم هذه القُرى أو المدائن كما نقلها ابن عباس -رضي الله عنه-: سَدُوم، وأمورا، وعامورا، وصبويرَ؛ وأعظمها كانت سَدُوم، وقد كانت تقع في بلاد الشام، وتبعد عن فلسطين مسيرة يوم وليلة.[١]


واعترض بعض أهل العلم على من قال بأنّها أربع قرى،[١] أو خمسة،[٢] أو سبعة أو غير ذلك من الأقوال؛ إذ إنّ ظاهر القرآن الكريم، وظاهر آيات قصة لوط -عليه السلام- بأنّها قرية واحدة؛ فقد قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا).[٣][٤]


وقال -تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ ۖ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ* قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا ۚ قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا ۖ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ)؛[٥] إضافةً إلى أنّ القول بوجود أكثر من قرية، يلزم إثباته بدليل صريح صحيح، وكون ذلك لم يثبت، فإن الأخذ بظاهر القرآن وآياته الكريمة هو الأولى، ولا مانع من أن يرسل الله -سبحانه- نبيّاً واحداً لقرية واحدة؛ فقد كان النبيان الكريمان موسى وهارون -عليهما السلام- مبعوثين لأمة واحدة في الوقت ذاته.[٤]


قرية لوط والبحر الميت

القول بأن البحر الميت مكان عذاب قوم لوط

ذهب جمعٌ من أهل العلم والمؤرخين والمفسرين إلى ترجيح القول؛ بأنّ منطقة البحر الميت التي تقع في غور الأردن هي مكان عذاب قوم لوط -عليه السلام-؛ وقد استدلوا على ذلك بما يحمله هذا المكان من معالم وأدلة؛ إذ كشف بعض علماء الآثار أنّ مياه البحر الميت تغمر بعض المدن التي كانت مأهولة بالسكان، كما كشفوا عن بقايا بعض الحصون والمذابح التي كان يستعملها القوم في ذلك الزمان قرب منطقة البحر الميت.[٦]


كما استدلّ بعضهم بطبيعة منطقة البحر الميت، التي تعدّ أخفض بقعة على وجه الأرض؛ مبيّنين أن هذا مصداق لقوله -تعالى- في وصف عذاب قوم لوط -عليه السلام-: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ)،[٧] كما أنّ الله -تعالى- جعل هذه القرية الظالمة آية شاهدة على عذاب أهلها، يمرّ الناس عليها في طريق دائم واضح ليعتبروا بها؛ وفي هذا قال -سبحانه-: (وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ).[٨][٩]


القول بعدم ثبوت مكان عذاب قوم لوط

بينما ذهب بعض أهل العلم إلى القول بأنّ أصل هذا القول -إن البحر الميت هو مكان عذاب قوم لوط- مردّه إلى مرويات أهل الكتاب؛ وقد جاء الأمر بعدم تصديقهم أو تكذيبهم فيما لم يرد به نصّ شرعيّ يُغلّب قولهم أو ينفيه؛[١٠] وبناءً على ذلك رأى هذا الفريق من أهل العلم بأنّ لا دليل شرعيّ صحيح يُثبت أنّ البحر الميت هو مكان عذاب قوم لوط -عليه السلام-، والأصل في الأمور الإباحة ما لم يرد نص أو دليل يُخصص أو يُحرّم.[١١]

المراجع

  1. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، موسوعة التفسير المأثور، صفحة 220، جزء 9. بتصرّف.
  2. مكي بن أبي طالب، الهداية الى بلوغ النهاية، صفحة 5226، جزء 8. بتصرّف.
  3. سورة الفرقان، آية:40
  4. ^ أ ب ابن عثيمين، تفسير العثيمين: الفرقان، صفحة 152-153. بتصرّف.
  5. سورة العنكبوت، آية:31-32
  6. سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 3945، جزء 7. بتصرّف.
  7. سورة الحجر، آية:74
  8. سورة الحجر، آية:76
  9. مجموعة من المؤلفين، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 451، جزء 31. بتصرّف.
  10. "يعتقد أن البحر الميت هو من بقايا مدينة قوم لوط عليه السلام"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/5/2023. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1402، جزء 6. بتصرّف.