نبيّ الله يحيى هو ابنٌ لنبيّ الله زكريا -عليهما السلام-، وهما من الأنبياء المرسلين إلى بني إسرائيل، وقد كانت ولادة يحيى -عليه السلام- معجزةً وكرامةً لوالده؛ لأنّه وُلد من أمٍّ عاقرٍ لا تنجب، وأبٍ كبيرٍ في السنّ بمشيئةٍ من الله -تعالى-،[١] ولم تسرد النصوص الشرعيَّة كثيرًا من أخبار يحيى -عليه السلام-، وإنّ كثيرًا ممّا جاء عن حياته ووفاته ودفنه من الروايات التاريخيَّة التي لا يُجزم بصحّتها، وفيما يأتي ذكرٌ للروايات التي أوردها المؤرّخون في موضع دفن يحيى -عليه السلام- وكيف توفِّي.


الروايات في وفاة ودفن النبي يحيى

الروايات الواردة في وفاته

نقل عددٌ من المؤرّخين كابن كثير وسبط ابن الجوزي وغيرهم رواياتٍ تقول بأنّ يحيى -عليه السلام- مات مقتولًا على يد حاكمٍ متسلِّطٍ في زمانه، قيل إنّ اسمه: هيرودس، وأنّه قتله لأنّ يحيى -عليه السلام- نهاه عن الزواج من امرأةٍ من محارمه، لحرمة الزواج الرجل من أرحامه، فحقدت ونقمة عليه تلك المرأة، وطلبت من الملك أن يأتيها برأسه ففعل،[٢] وقيل إنّ ابنة الملك أُعجبت بيحيى -عليه السلام- وراودته، ولمّا امتنع يحيى -عليه السلام- عنها، وخافت أن يخبر يحيى -عليه السلام- الناسَ عنه؛ سألت أباها الملك أن يأتيها برأس يحيى؛ فقتله.[٣]


وقد فهم بعض المفسّرين من قول الله -تعالى- في بني إسرائيل: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ)؛[٤] أنّ المقصود بمن قتلوهم من الأنبياء: زكريا ويحيى -عليهما السلام-، وممّا يجدر التنبيه والإشارة له إلى أنّ هذه الروايات والأخبار التي أورده المؤرّخون والعلماء في كتبهم حول وفاة يحيى -عليه السلام-، قد نصّ بعضهم على عدم ثبوتها وضعفها، وأنّ منها ما هو منقولٌ عن أهل الكتاب، ولم يرد في الشريعة الإسلاميَّة نصٌّ من القرآن الكريم أو السنّة النبويّة الصحيحة يتحدّث عن كيف توفّي يحيى -عليه السلام-؛ لذا لا يُمكن الجزم بهذه الروايات والأخبار والقطع بصحتها.[٥]


الروايات الواردة في دفن يحيى

تذكر بعض الروايات والأخبار أنّ نبيّ الله يحيى -عليه السلام- دُفن في القدس، وقيل في مسجد دمشق -الجامع الأموي-،[٣] والذي يجزم به العلماء أنّه لم يثبت على وجه اليقين موضع قبرٍ أو مكان دفنٍ لنبيٍّ من أنبياء الله -عليهم السلام- إلّا النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام-، أمّا سائر الأنبياء فلا نصّ ثابتٌ في القرآن الكريم أو السنة يذكر مواضع قبورهم.[٦]


النبي يحيى في القرآن والسنة

ورد ذكر بعض صفات يحيى في آياتٍ من القرآن الكريم، ومنها:[١]

  • ما جاء في قول الله -تعالى- عند تبشير زكريا به: (يا زَكَرِيّا إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسمُهُ يَحيى لَم نَجعَل لَهُ مِن قَبلُ سَمِيًّا).[٧]
  • ما جاء في اختيار الله -تعالى- له للنبوّة، وفيما كان عليه يحيى -عليه السلام- من جدٍّ في العبادة، وقوَّة في الدين، وذلك في قوله تعالى: (يا يَحيى خُذِ الكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيناهُ الحُكمَ صَبِيًّا).[٨]
  • ما جاء في تبشير زكريا بأنّ يحيى سيكون نبيًّا، وسيدًا، وحصورًا؛ أي ملتزمًا حافظًا لنفسه عن الشهوات، مبتعدًا عن الانغماس بها، وذلك في قوله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ).[٩]


أمّا ذكر يحيى -عليه السلام- في السنة النبويَّة؛ فقد ذكره النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حديث رحلة الإسراء والمعراج، وأنّه التقى بيحيى -عليه السلام- مع ابن خالته عيسى -عليه السلام-، كما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: (ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الثَّانِيَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ، فقِيلَ: مَنَ أنْتَ؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ بُعِثَ إلَيْهِ؟ قالَ: قدْ بُعِثَ إلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بابْنَيِ الخالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ويَحْيَى بنِ زَكَرِيّا، صَلَواتُ اللهِ عليهما، فَرَحَّبا ودَعَوا لي بخَيْرٍ).[١٠]


المراجع

  1. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، دعوة الرسل عليهم السلام، صفحة 461-465. بتصرّف.
  2. ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 53-54. بتصرّف.
  3. ^ أ ب سبط ابن الجوزي، مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، صفحة 303-305. بتصرّف.
  4. سورة البقرة، آية:87
  5. "هل مات زكريا ويحيى حتفاً أم قتلاً"، إسلام ويب، 17/7/2003، اطّلع عليه بتاريخ 25/8/2022. بتصرّف.
  6. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، صفحة 444.
  7. سورة مريم، آية:7
  8. سورة مريم، آية:12
  9. سورة آل عمران، آية:39
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:162، حديث صحيح.